Skip to main content

تونس: محاولات فنية ترأب الصدع بين الحكومة والمجتمع المدني

A man on his motorbike drives past Arab Spring-inspired street art in Tunis, Tunisia. © Lindsay Mackenzie/Redux

لقد خرجت تونس من الثورة وهي تتمتع بالقدرة على تحقيق التغيير الديمقراطي الحقيقي، إلا أن المخاوف ما تزال تخيم على مستقبل استقرار الدولة والقضايا الأمنية التونسية التي ما تزال تهدد التحول الديمقراطي في البلاد.

وفي الوقت الذي تعطي فيه الحكومة التونسية الأولوية لقضية لامركزية الخدمات الحكومية، تتسبب في كثير من الأحيان بعض الأحداث كالهجمات الإرهابية التي شنت في يونيو (حزيران) الماضي في تأخير عملية التحول الديمقراطي. ويتم الحفاظ على الزخم الإيجابي عندما يكون المجتمع المدني قادراً على تحميل الحكومة مسؤولية تحقيق أهدافها والوعود التي قطعتها.

وتعمل منظمتنا بالشراكة مع وزارة الثقافة في تونس على تجديد المشهد الفني في البلاد بهدف ضمان حفاظ المجتمع المدني على تأثيره. وإدراكاً لأهمية الفن في التغيير الاجتماعي، قامت مؤسسة المورد الثقافي، وهي منظمة إقليمية غير ربحية تدعم الإبداع الفني في العالم العربي، بوضع منهجية لتعزيز حرية التعبير والإبداع وذلك بالعمل جنباً إلى جنب مع الحكومة.

ومن خلال مبادرة تدعى "تونس بلد الفن"، قامت مؤسسة المورد الثقافي بتوقيع مذكرة تفاهم مع وزارة الثقافة، إذ تبذل الجهتان جهوداً مشتركة لتطوير وتطبيق اللامركزية في القطاع الثقافي في تونس من أجل دعم عملية بناء القدرات وجعل الأنشطة الفنية في متناول شرائح مختلفة من المجتمع. كذلك يتم إعداد ست ورش عمل تدريبية في مدن مختلفة في جميع أنحاء البلاد يحضرها فاعلون ثقافيون مستقلون وموظفون حكوميون، حيث سيقوم الحضور في نهاية التدريب بتقديم مقترحات لمشاريع ثقافية صغيرة، كما سيتم تمويل من أربعة إلى ستة مشاريع بمبلغ يصل إلى (10.000) دولار أمريكي.

وبعد الانتهاء من جميع ورش العمل، ستكون مبادرة "تونس بلد الفن" قد قامت بتدريب (120) فاعلاً ثقافياً، عشرة منهم في مجال الإدارة الثقافية، بالإضافة إلى دعم (30) مشروعاً في جميع أنحاء البلاد.

لم يسمع التونسيون قبل الثورة بمثل هذا التعاون، فقد اعتاد النظام، الذي كان يسيطر على العديد من المؤسسات الثقافية في البلاد، على فرض الرقابة على الفنانين، وعلى خنق الإبداع، في حين ازدهر الفن خلال الثورة وتجلت الحريات بشكل لم يسبق له مثيل. كما أثبت الفن أنه المنبر الفعال لإلهام وتعزيز حرية التعبير والابتكار بين التونسيين الذين رزحوا تحت وطأة تكميم الأفواه لفترة طويلة. ومع ذلك، لم تنتهي معركة حرية التعبير بعد، فهي ما تزال المعركة الهامة في تونس والمنطقة.

ويثبت هذا المشروع أنه ليس من الضرورة أن تكون الحكومة والمجتمع المدني دوماً على خلاف، ففي الوقت الذي تمر فيه تونس في عملية التحول الديمقراطي، يؤكد المسؤولون على قضية لامركزية الموارد الحكومية، إذ ينسجم هذا الهدف مع مصالحنا، في حين تحاول منظمتنا بناء قدرات المشهد الثقافي التونسي لاسيما في المناطق الواقعة خارج العاصمة.

ومن أجل تحقيق هذا الهدف، يقوم المشاركون في ورش العمل بتبادل خبراتهم المتنوعة في إنتاج وإدارة المشاريع الفنية؛ كما يعملون فيما بينهم للتوصل إلى أفضل طرق التعاون من خلال الاطلاع على نقاط القوة والضعف فيما بينهم. وتعمل مؤسسة المورد الثقافي ووزارة الثقافة معاً للوصول إلى المناطق المعزولة عن العاصمة في الوقت الذي تعززان فيه عملية الاندماج من خلال تشجيع شرائح واسعة من المجتمع وتطوير المواهب الفنية في جميع أنحاء البلاد.

ويعتبر المهرجان الفني في مدينة بنزرت، أحد المشاريع المختارة من الجولة الأولى من ورش العمل، رمزاً يجسد هذه الجهود، فهذا المشروع المشترك بين القطاعين العام والمستقل سيستفيد من إبداع الفنانين ومن البنية التحتية والجماهيرية للدُّور الثقافية الحكومية. ونطمح كذلك إلى أن تعمل مثل هذه المشاريع على بناء قدرة المزيد من المشاريع والاستثمارات الثقافية.

يُذكر بأن مؤسسة المورد الثقافي تعمل في المنطقة منذ أكثر من 10 سنوات، وفي حين أن هذه هي أول مذكرة تفاهم نقوم بتوقيعها مع الحكومة، نأمل بألا تكون الأخيرة. فعملية التقدم الديمقراطي في تونس تجعلها المكان المثالي لتجربة مشروعنا. إلا أننا نطمح في نهاية المطاف إلى تنظيم هذه المبادرة خارج حدود تونس وتنفيذها في جميع أنحاء المنطقة.

إن هذه المبادرة ليست مجرد خطة لبعض المساعي الفنية، بل هي إطار للتعاون بين الدولة وجميع الأطراف المؤثرة. ولتعزيز عملية الاندماج والحكومة والمجتمع المدني، يتوجب علينا العمل على طاولة واحدة.

المورد الثقافي مستفيد من منح منظمة المجتمع المفتوح.

Read more

Subscribe to updates about Open Society’s work around the world

By entering your email address and clicking “Submit,” you agree to receive updates from the Open Society Foundations about our work. To learn more about how we use and protect your personal data, please view our privacy policy.